لماذا إعتمد السيد المسيح (عن غير احتياج)؟

فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْلُكُونَ بِالتَّدْقِيقِ، لاَ كَجُهَلاَءَ بَلْ كَحُكَمَاءَ، مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ لأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ." (أف 5: 15-16)
الذهاب إلى المحتوى

لماذا إعتمد السيد المسيح (عن غير احتياج)؟

COPTiC APOLOGETiCS
تم النشر بواسطة أغنسطس/ مايكل متري في ماوراء الأسرار · الأربعاء 01 نوفمبر 2023 ·  8:15
Tags: ماوراءالأسرار
لماذا إعتمد السيد المسيح (عن غير احتياج)؟
او بصيغة أوضح لماذا حل عليه الروح القدس (عن غير احتياج)؟

للإجابة علي هذا السؤال ينبغي أن نجيب أولا علي سؤال آخر ...
هل افعال المسيح هي عن احتياج ...؟

بالطبع لا
فسيدنا له كل المجد هو الله الظاهر في الجسد .... تيموثاوس الأولي ٣ : ١٦ + يوحنا ١ : ١٤ + متي ١٦ : ١٦ + مرقس ٨ : ٢٩

والله جل جلاله منزه عن الإحتياج بكل أشكاله فهو لا يحتاج الي أي شئ حتي وإن ظهر في الجسد (لم تكن انت محتاجًا إلي عبوديتي بل أنا المحتاج الي ربوبيتك) القديس غريغوريوس الثيؤلوغوس ..... فينبغي أن ندرك جيدًا حتي وإن ظهر في الرب في صورة احتياج او حتي لو قال عن نفسه (ان الرب محتاج اليه) لوقا ١٩ : ٣٢ انه له كل المجد بدا وظهر بصورة محتاج إلا انه هو حامل كل الأشياء بكلمة قدرته عبرانين ١ : ٣

لكن لماذا ظهر الرب له كل المجد في صورة احتياج؟
في الحقيقة أن كل ما فعله المسيح - المجد لإسمه القدوس - بالجسد كان لأجلنا
"كل ما فعله المسيح، فعله لأجل بنياننا، ولأجل منفعة أولئك الذين يؤمنون به، وعن طريق تعريفنا بسلوكه الخاص كنموذج للحياة الروحية، فإنه جعلنا عابدين حقيقيين، لذلك دعنا نرى في النموذج والمثال الذي تُزودنا به أعمال المسيح، نرى الطريقة التي ينبغي أن نقدم بها صلواتنا إلى الله" القديس كيرلس السكندري عن شرحه لماذا صلي المسيح تفسير انجيل لوقا
بل انه تجسد لإجلنا،
صام لإجلنا،
وصلي لإجلنا،
واعتمد من يوحنا معمودية لأجلنا،
ومات لإجلنا،
وقام لإجلنا،
وصعد لإجلنا،

فلن يكون أي فعل مقدس نفعله في كل حياتنا له فاعلية ان لم يكن سيدنا قد مارسه أولًا

فسبب معمودية المسيح رغم انه بدون خطية هو أجاب عليه بنفسه
انجيل متي 3
3: 14 ولكن يوحنا منعه قائلا انا محتاج ان اعتمد منك وانت تأتي الي
3: 15 فأجاب يسوع وقال له اسمح الان لأنه هكذا يليق بنا ان نكمل كل بر حينئذ سمح له


فاول سبب نفهمه ان المسيح في تعبير نكمل كل بر هو قصد تبرير الانسان فيه بمعني ان المسيح نزل الي معمودية التوبة ليبرر كل من يتعمد ولنتبرر فيه عن طريق انه يحمل خطايانا فهو في المعمودية يحمل خطايا من يعتمد ايضا ليدين كل الخطايا في جسده على عود الصليب. فالمسيح الذي حمل خطايانا التي نغتسل منها في المعمودية لهذا وضع شرط ان من يؤمن يعتمد لكي يخلص ليكون المسيح بالفعل حمل خطاياه بإرادة هذا المؤمن.


ثانيا وهو واضح من تتميم البر ان المسيح في المعمودية قدس المعمودية واعد لمعمودية الماء والروح وبها يقدم البر لمن يتعمد معه اي يقبل ان يموت مع المسيح ليقوم مع المسيح. فالمسيح لم يكن محتاج للمعمودية بل المعمودية هي التي كانت تحتاج لتقديس المسيح لها. المسيح بالمعمودية أكمل كل بر للإنسان أي صار هناك وسيلة يتبرر بها الإنسان الذي كان قد حُكِمَ عليه بالموت بسبب الخطية. فأصبح يموت الانسان في المعمودية كما شرحت رسالة رومية ليقوم الانسان مع المسيح.

رسالة بولس الرسول الي اهل رومية 6
6 :3 ام تجهلون اننا كل من اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا لموته
6 :4 فدفنا معه بالمعمودية للموت حتى كما اقيم المسيح من الاموات بمجد الاب هكذا نسلك نحن ايضا في جدة الحياة
6 :5 لأنه ان كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير ايضا بقيامته
6 :6 عالمين هذا ان انساننا العتيق قد صلب معه ليبطل جسد الخطية كي لا نعود نستعبد ايضا للخطية
6 :7 لان الذي مات قد تبرا من الخطية
6 :8 فان كنا قد متنا مع المسيح نؤمن اننا سنحيا ايضا معه


ثالثا وايضا من نص الاعداد يقول ان معمودية المسيح كانت اعلان للثالوث حيث كان اقنوم الابن في الماء وصوت الاب في السماء والروح القدس في هيئة جسمية مثل حمامة مستقر عليه
فهذا شهادة للثالوث في الذات الإلهي الواحد
إنجيل متى 28: 19
فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.
رسالة يوحنا الرسول الأولى 5: 7
فَإِنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ. وَهؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ.


رابعا حسب ما يقول يوحنا المعمدان ان معموديته كانت علامة ليوحنا (وانا لم أكن اعرفه لكن الذي ارسلني لاعمد بالماء ذاك قال لي الذي ترى الروح نازلا ومستقرا عليه فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس) وبهذا يستطيع ان يشهد عنه يوحنا الي اليهود وبالفعل يوحنا من هذا الوقت بدا يشهد عن المسيح وليس يوحنا فقط بل تلاميذ يوحنا واليهود ايضا.


خامسا يعلن أهمية المعمودية ويعلن قبوله لمهمته أي موته فالمعمودية هي موت مع المسيح، فالمسيح بمعموديته يعلن أنه يقبل هذا الموت وأنه سيقوم بعد موته لان المعمودية فيها موت وقيامة، وأنه يطيع حتى الموت موت الصليب. المعمودية هي مثال لسر موته وقيامته. المعمودية هي اعلان حب. باتحادنا مع المسيح فنحيا بحياته فيستخدم اعضاءنا كالات بر، فنعمل اعمال بر.


سادسا ليكمل طريق المصالحة التي بدات بتجسده وحلول اللاهوت في الطبيعة البشرية ثم حلول الروح القدس وقت المعمودية حتى يتمم المصالحة على عود الصليب ثم القيامة. ونلاحظ أنه في آدم فقد الانسان علاقته بالله وحدثت فاصل بينه وبين الله ولكن بقبول المسيح للروح القدس فى معموديته لحسابنا وهو آدم الثانى حل الروح القدس ليسكن في الانسان وتنتهي الهوة العميقة بين الله والانسان.


سابعا المسيح هو يمثل البشرية في جسده فيتعمد ايضا عن البشرية كلها معمودية التوبة التي تكملها البشرية في جسده. فهو ايضا صام عنا وهو غير محتاج وخاض التجربة في البرية عنا وغيرها من الامور التي قدمها عنا.
وبالاضافه الي كل ما قد سبق يجب ان نفهم امر مهم وهو معني المعمودية في الفكر اليهودي , لان المعمودية من وظائف الكهنة للامميين الذين يقبلوا ان يتهودوا وكانت هذه مهمة السنهدريم.

ولكن هناك معمودية اخري وهي معمودية الكهنة على سن الثلاثين سنة
سفر العدد 4: 3
مِنِ ابْنِ ثَلاَثِينَ سَنَةً فَصَاعِدًا إِلَى ابْنِ خَمْسِينَ سَنَةً، كُلِّ دَاخِل فِي الْجُنْدِ لِيَعْمَلَ عَمَلاً فِي خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ.
وفي بداية خدمته يتعمد
سفر الخروج 29: 4
«وَتُقَدِّمُ هَارُونَ وَبَنِيهِ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ وَتَغْسِلُهُمْ بِمَاءٍ.
سفر الخروج 40
12 وَتُقَدِّمُ هَارُونَ وَبَنِيهِ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ وَتَغْسِلُهُمْ بِمَاءٍ.
13 وَتُلْبِسُ هَارُونَ الثِّيَابَ الْمُقَدَّسَةَ وَتَمْسَحُهُ وَتُقَدِّسُهُ لِيَكْهَنَ لِي.
14 وَتُقَدِّمُ بَنِيهِ وَتُلْبِسُهُمْ أَقْمِصَةً.
ولهاذا فيما بعد صنع سليمان الحوض النحاسي

فهذه المعمودية كانت اعلان بداية خدمة المسيح الكهنوتيه فهو الكاهن الاعظم الذي جاء وقدم نفسه ذبيحه عنا, فلهذا يجب ان يعتمد قبل بداية الخدمة ليعلن ايضا انه كاهن العهد الجديد.

أيضا يوجد في الفكر اليهودي نوع معمودية وهو قبل الزفاف للعروس ويسمى ميكفا ففي الزواج اليهودي تذهب العروس الي المعمودية التي تسمى ميكفا وشروطها ان تكون مياه نبع من الأرض او مياه جارية وتتعمد وتعتبر حياتها القديمة انتهت وتبدأ حياه جديدة مع عريسها. مثل العروس الكنيسة لابد ان تتعمد من الينبوع والحياة القديمة انتهت وتبدأ حياة جديده مع عريسها المسيح. ولهذا المسيح أيضا بنزوله الي المعمودية اعد المعمودية لعروسه الكنيسة بانه اعد ينبوع مياه لتتخلص من حياتها القديمة وتعتبر حياتها القديمة انتهت وتبدأ حياه جديدة مع المسيح.

ومثال على اقوال الاباء:
يقول القديس أمبروسيوس في تفسيره لإنجيل لوقا: [اعتمد الرب ذاته... لم يعمد ليطهر، وإنما ليطهر الماء، فإذ نزل إليها المسيح الذي لم يعرف خطية صار لها سلطان على التطهير، بهذا كل من يدفن في جرن المسيح يترك فيه خطاياه].
القدّيس جيروم: [لم يكرز المخلّص نفسه بملكوت السماوات إلاّ بعد تقديسه الأردن بتغطيسه في العماد]

أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَحِبُّوا نِسَاءَكُمْ كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا،
لِكَيْ يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّرًا إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ،
لِكَيْ يُحْضِرَهَا لِنَفْسِهِ كَنِيسَةً مَجِيدَةً، لاَ دَنَسَ فِيهَا وَلاَ غَضْنَ أَوْ شَيْءٌ مِنْ مِثْلِ ذلِكَ، بَلْ تَكُونُ مُقَدَّسَةً وَبِلاَ عَيْبٍ.
كَذلِكَ يَجِبُ عَلَى الرِّجَالِ أَنْ يُحِبُّوا نِسَاءَهُمْ كَأَجْسَادِهِمْ. مَنْ يُحِبُّ امْرَأَتَهُ يُحِبُّ نَفْسَهُ.
فَإِنَّهُ لَمْ يُبْغِضْ أَحَدٌ جَسَدَهُ قَطُّ، بَلْ يَقُوتُهُ وَيُرَبِّيهِ، كَمَا الرَّبُّ أَيْضًا لِلْكَنِيسَةِ.
لأَنَّنَا أَعْضَاءُ جِسْمِهِ، مِنْ لَحْمِهِ وَمِنْ عِظَامِهِ.
«مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا».
هذَا السِّرُّ عَظِيمٌ، وَلكِنَّنِي أَنَا أَقُولُ مِنْ نَحْوِ الْمَسِيحِ وَالْكَنِيسَةِ. أفسس ٥ : ٢٥ - ٣٢
‏‎
لِنَفْرَحْ وَنَتَهَلَّلْ وَنُعْطِهِ الْمَجْدَ! لأَنَّ عُرْسَ الْخَرُوفِ قَدْ جَاءَ، وَامْرَأَتُهُ هَيَّأَتْ نَفْسَهَا " رؤيا ١٩ : ٧
وهكذا فلا يوجد فعل واحد لم يمارسه سيدنا له كل المجد الا ونحن مطالبون بممارسته
فنحن مطالبون بالمعمودية ... والميرون (مسحة الروح القدس) والتناول .... والزواج (الرهبنة هي سر اتحاد زيجي روحي بين النفس وعريسها المسيح) .... ومطالبون بالغفران لانه يغفر لنا ومطالبون بالتوبة لأنه مارسها.......الخ
لأجل هذا نحن مطالبون بترك الخطية (لأن السيد له كل المجد لم يعرف خطية ....) كورنثوس الثانية ٥ : ٢١
يقول الانبا ساويروس بن المقفع في كتابه ترتيب الكهنوت صفحة ٥٨ " ونحن ما لنا في كل مذهبنا إلا المماثلة بفعل سيدنا ....
سيدنا صام فصمنا ....
وصلي فصلينا .....
تألم فتألمنا ....
غطس .... وجب علينا الغطاس "


وهنا يأتي السؤال :- هل تناول المسيح ؟ والسؤال الأشهر هل ذاق المسيح من الكأس ..... !
وللرد (سنجيب بتفصيل أكثر في بوست آخر "هل اشترك المسيح في سر الافخارستيا؟")
ولكن بإختصار شديد
انه في المعمودية وغيرها هو قدس بها جسد بشريتنا وسمح لطبيعتنا بقبول واعاده سكني الروح القدس فينا

أما جسده ودمه في الفخارستيا
فهو غفرانا للخطايا وحياة ابديه لمن يتناول منه وذلك لان جسد المسيح متحد بالحياة ذاته (أقنوم الكلمة) فهو صار جسد محيي بحسب تعاليم آباءنا مثال القديس كيرلس الكبير واخرون

فالجسد محيي نتيجه فعل هذا الإتحاد وبالتالي لا يحتاج ان يتناول من الحياه
"لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ، كَذلِكَ أَعْطَى الابْنَ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ،" (يو 5: 26)


المراجع:-

الكتاب المقدس بعهديه
كتاب ترتيب الكهنوت الانبا ساويروس بن المقفع
موقع دكتور عالي لدفاعيات




Copy Rights © 2022 INT. apologetics.metri.co.uk. All Right Reserved
العودة إلى المحتوى