بدعة حتمية التجسد حتي لو لم يخطيء أدم
تم النشر بواسطة أغنسطس/ مايكل متري في العقيده المسيحيه · الاثنين 12 فبراير 2024 · 6:30
"وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ، تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ، تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ، كُرِزَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، أُومِنَ بِهِ فِي الْعَالَمِ، رُفِعَ فِي الْمَجْدِ." (1 تي 3: 16).
من البدع الحديثة التي ظهرت بشدة من مدعي الاستنارة (المستنيرون) أن السيد المسيح له المجد كان سيتجسد حتي لو لم يخطئ أبونا آدم
وهم يحاولون بإستماته إثبات بدعتهم علي إنها حقيقة لاهوتية.
ولكن هيهات، فلدينا من كتاب مقدس وأقوال وتعاليم آبائية ما يجعلنا نفند تلك البدعه بمنتهي البساطة ، وسنتطرق لتلك البدعه وسنفندها.
ولكن دعونا نبدأ بتفنيد عام للبدعة قبل ان نتطرق لتفاصيلها ونقاطها.
+ إذا كان حتميا علي الله أن يتجسد حتي لو لم يسقط الإنسان، فهذا يعني أن الله كان غير كامل في ذاته (حاشا) ولهذا كان لابد أن يتجسد حتي يُكمل ما كان ينقصه منذ البدء.
وهذا يتعارض مع كل التعاليم اللاهوتيه ويتنافي مع الأفكار التي تتكلم عن ماهية الله حتي في العقائد الغير مسيحية.
ومن هنا دعنا نسأل لماذا التجسد بالذات من دون مساس لأي طبيعه أخري من الخليقة كلها؟
فعلي سبيل المثال، قد خلق الله الملائكة قبل الإنسان، فلماذا لم يأخذ طبيعة الملائكة.
والملائكة كما قال القديس كيرلس الكبير في حالة أعظم منا من جهة المجد والطبيعة، فهل الله أحتاج إلى أن ياخذ ويتحد بطبيعة ملائكية لكي يجعل الملائكة في هذه الرتبة؟ طبعا لأ
وإذا كان الجسد له تلك الأهمية القصوى لدي الله ، فلماذا لم يتجسد بدون خلقة آدم؟ هل هو يعجز عن ذلك؟ أم إنه أراد ان يخلق إنسان يجعله يسقط حتي يتخذ جسدا؟
إذا منطقياً لا تفسير لاهوتي يتوافق مع بدعة حتمية التجسد حتي لو لم يخطئ آدم.
وكنيستنا القبطية تؤمن بحتمية التجسد الإلهي ، ولكن تلك الحتمية كانت تهدف لتصحيح ما قد فسد بسقوط آدم (والبشرية فيه) فنجد تعليم الكتاب المقدس يقول:-
"وَلكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ، لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ." (غل 4: 4-5).
"أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ." (لو 2: 11)
"فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ»." (مت 1: 21)
"الَّذِي لَنَا فِيهِ الْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ الْخَطَايَا." (كو 1: 14).
"لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ اللهُ ابْنَهُ إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ، بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمُ." (يو 3: 17).
وبالتجسد تم الفداء من الإثم "الذي بذل نفسه لأجلنا لكي يفدينا من كل إثم" (تي 2: 14)
وبالتجسد تصالحنا مع الله "إن كنا ونحن أعداء قد صُولحنا مع الله بموت إبنه" (رو 5: 10)
وبالتجسد اقتربنا لله "فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ أَجْلِ الْخَطَايَا، الْبَارُّ مِنْ أَجْلِ الأَثَمَةِ، لِكَيْ يُقَرِّبَنَا إِلَى اللهِ، مُمَاتًا فِي الْجَسَدِ وَلكِنْ مُحْيىً فِي الرُّوحِ،" (1 بط 3: 18).
يقول القديس أثناسيوس الرسولي: "وأعطاهم وصية حتى إذا حفظوا النعمة واستمروا صالحين، عاشوا في الفردوس بغير حزن ولا ألم ولا هم، بالإضافة إلى الوعد بالخلود في السماء". (تجسد الكلمة: 3/ 4)
من أجل إغاثتنا كان التجسد، فيقول البابا أثناسيوس الرسولي "لكي نعلم إن نزوله إلينا كان بسببنا، وإن عصياننا استدعى تعطف الكلمة لكي يسرع الرب إلى إغاثتنا، فقد كانت إغاثتنا هي الغرض من تجسده، فإنه لأجل خلاصنا أظهر محبته العظمى إلى حد أن يظهر ويولد في جسد بشري" (تجسد الكلمة 4: 2، 3).
وبالتجسد رُفِع حكم الموت عنا، فيقول القديس أثناسيوس " لم يكن ممكنًا أن يُقْضَى على فساد البشرية بأي طريقة أخرى سوى الموت نيابة عن الجميع. ومن غير الممكن أن يموت الكلمة لأنه غير مائت بسبب أنه هو ابن الآب غير المائت. ولهذا اتخذ لنفسه جسدًا قابلًا للموت حتى إنه عندما يتحد هذا الجسد بالكلمة الذي هو فوق الجميع، يصبح جديرًا ليس فقط أن يموت نيابة عن الجميع، بل ويبقى في عدم فساد بسبب اتحاد الكلمة به" " (تجسد الكلمة 9: 1)
وقال أيضًا "لأنه بذبيحة جسده وضع حدًا لحكم الموت الذي كان قائمًا ضدنا، ووضع لنا بداية جديدة للحياة برجاء القيامة من الأموات الذي أعطاه لنا إن كان بإنسان قد ساد الموت على البشر، لهذا السبب أيضًا بطل الموت، وتمت قيامة الحياة بتأنس كلمة الله" (تجسد الكلمة 10: 5).
عندما تجسد الله بارك طبيعتنا "باركت طبيعتي فيك" (القداس الغريغوري) وشاركنا في كافة أمور حياتنا ماعدا الخطية لكيما يبارك كل مراحل وجوانب حياتنا، فقال عنه الإنجيل أنه وُلِد طفلًا وقُمِط (لو 2: 12) ورضع كطفل (لو 11: 27) وعمل نجارًا (مر 6: 3) وجاع (مت 4: 2) وجُرّب (مت 4: 1) ونام واستيقظ (مر 4: 38) وفرح وتهلل (لو 10: 21) وافتقر (2كو 8: 9) وإحتاج (مت 21: 3) وظُلِم وتذلل (أش 53: 7) وحزن واكتئب (مت 26: 37) وبكى (يو 11: 35) وعطش (يو 19: 28) وتألم (لو 24: 26) وأهين (مت 27: 31) ومات وأسلم الروح (مت 27: 50).
بالتجسد صار السيد المسيح " بِكْرًا بَيْنَ إِخْوَةٍ كَثِيرِينَ" (رو 8: 29) فصرنا نحن فيه أولادًا لله بالنعمة والتبني كقول الإنجيل "وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ." (يو 1: 12) ولهذا أوصانا السيد المسيح قائلًا " مَتَى صَلَّيْتُمْ فَقُولُوا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ" (لو 11: 2) ويقول القديس كيرلس الكبير "ابن الله صار إنسانًا لكي يصير الناس فيه وبواسطته أبناء الله بالتبني" (تفسير يوحنا 12: 1).
القديس أثناسيوس الرسولي أبو علم اللاهوت في الكنيسة الجامعة كلها يقول عن هدف التجسد الإلهي في كتابه (تجسد الكلمة):
إنه لما كان الإنسان قد أخطأ، وصار معرضًا للموت والهلاك حسب تحذير الرب له في (تك 2: 17) ولما كان الإنسان عاجزًا عن تخليص نفسه.. لذلك تجسد المسيح، وأخذ جسدًا قابلا للموت، لكي بموته يفدى الإنسان، بأن يموت عوضًا عنه. "
إذن كان هدف التجسد هو الفداء والخلاص. وهكذا نقول في القداس الإلهي "لا ملاك ولا رئيس ملائكة، ولا رئيس آباء ولا نبيًا، أئتمنته على خلاصنا. بل أنت بغير استحالة تجسدت وتأنست."..
وهذا ما نقوله أيضًا عن السيد المسيح في قانون الإيمان: "هذا الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا، نزل من السماء، وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء، وتأنس وصلب عنا على عهد بيلاطس البنطي"..
هل الغرض من التجسد هو التبني؟
كلا، فالتبني كان موجودًا في العهد القديم. فقد قال القديس بولس الرسول عن اليهود إن "لهم التبني والمجد والعهود والاشتراع" (رو 9: 4) والله نفسه قال عنهم "ربيت بنين ونشأتهم، أما هم فعصوا عليَّ" (إش 1: 2) وإشعياء النبي قال "والآن يا رب، أنت أبونا" (إش 64: 8)
إذن فليس هدف التجسد هو التبني. فالله منذ البدء اعتبرنا أبناء. وقيل عن آدم إنه ابن الله (لو 3: 38).
هل ميلاد المسيح رفع البشرية إلى درجة بنوته؟!
يقول أصحاب البدعه "بل هي عطية الله للإنسان بميلاد المسيح، إذ رفع البشرية فيه إلى درجة بنوته. فصار الكل أبناء الله يدعون. والبنون متساوون في كل شيء."
ولكن يعلمنا قداسة البابا شنودة الثالث وأباء كنيستنا الارثوذكسية إن درجة بنوة المسيح لم يرتفع إليها أحد. لذلك دُعِي "الابن الوحيد" (يو 1: 18، يو 3: 16، 18، 1 يو 4: 9) فهو الوحيد الذي من جوهر الآب. ومن لاهوته ومن طبيعته.
وعبارة رفع البشرية إلى درجة بنوته معناها مساواتهم بالمسيح!! لقد صار المؤمنون أبناء. ولكن ليس في درجة بنوة المسيح، فهذا خطأ لاهوتي..
وختاماً هناك ألاف الردود علي تلك البدعة ولكننا نكتفي بذلك القدر.
والمجد لله دائما
مراجع هذا البحث:-
- كتاب التجسد والمساواة مع المسيح والآب - البابا شنودة الثالث
- كتاب حتمية التجسد الإلهي - أ. حلمي القمص يعقوب
- كتاب تجسد الكلمة - البابا/ أثناسيوس الرسولي
- كتاب تدبير الخلاص حسب الكنيسة الجامعة - الأنبا رافائيل الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة