وراثة الخطية الجدية (خطية الطبيعة)

فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْلُكُونَ بِالتَّدْقِيقِ، لاَ كَجُهَلاَءَ بَلْ كَحُكَمَاءَ، مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ لأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ." (أف 5: 15-16)
الذهاب إلى المحتوى

وراثة الخطية الجدية (خطية الطبيعة)

COPTiC APOLOGETiCS
تم النشر بواسطة أغنسطس/ مايكل متري في العقيده المسيحيه · السبت 02 أبريل 2022 ·  18:45
سألنا أحد المتابعين:- هل ورثنا الخطية الجدية أم فقط فساد الطبيعة الإنسانية؟
 
حيث تعلمنا في كنيستنا الأورثوذكسية أننا ورثنا الخطية الجدية بينما الكتاب المقدس يعلن "اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. اَلابْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ، وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الابْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ، وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ." (حز 18: 20)
 
 

الإجابة:- أكتب من جهة مفهوم ضعفي للرد علي تلك السؤال أننا ورثنا الخطية الجدية (خطية الطبيعة) وفساد الجنس البشري . أي أننا ورثنا الإثنين.
 
وسأستعرض بعض النصوص والأقوال والمجامع التي أقرت ذلك.

 
-        أود أولا أن أبدأ بالنص المذكور أعلاه قبل الدخول في إثبات وراثة الخطية الأصلية
 
الكتاب المقدس بعهديه يتكلم عن خلاص المسيح للبشرية لأن مشيئة الآب هي خلاص النفوس "لأَنِّي لاَ أُسَرُّ بِمَوْتِ مَنْ يَمُوتُ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، فَارْجِعُوا وَاحْيَوْا." (حز 18: 32) "فَإِذًا كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ الْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ، هكَذَا بِبِرّ وَاحِدٍ صَارَتِ الْهِبَةُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، لِتَبْرِيرِ الْحَيَاةِ." (رو 5: 18) ولهذا فالنص أعلاه يوضحه لنا التفسير الكتابي كالآتي:-

 
 
لقد ظن الشعب في أيام الملك صدقيا أنهم أبر من الشعب في أيام الملك منسى فشعروا أنهم يتحملون إثم آبائهم، لكن الرب يؤكد هنا: "إن وَلد ابنا رأى جميع خطايا أبيه التي فعلها فرآها ولم يفعل مثلها... فإنه لا يموت بإثم أبيه، حياة يحيا. أما أبوه فلأنه ظلم واغتصب أخاه اغتصابًا وعمل غير الصالح بين شعبه فهوذا يموت بإثمه" [14-19].
 
إذ يرتكب الإنسان إثما يفقد حياته كقول القديس غريغوريوس النيصي: [الخطيئة ليست إلا تغربًا عن الله الذي هو الحياة الحقيقية وحده(185)].
 
لكن ربما يتساءل البعض، كيف لا يحمل الابن البار إثم أبيه وقد قيل: "ليذكر إثم آبائه لدى الرب ولا تمح خطيئة أمه" (مز 109: 14)؟
 
يُجيب القديس أغسطينوس: [هل يفهم أنه يحل بالإنسان حتى إثم آبائه؟ الذين يتحولون في المسيح لا يحل عليهم إثم آبائهم، إذ لا يعودون بعد أبناء للأشرار لكونهم لم يتمثلوا بسلوكهم. لذلك يُضاف للكلمات: "افتقد ذنوب الآباء في الأبناء... من مبغضيَّ" (خر 20: 5)، أي الذين يبغضونني كما أبغضني آباؤهم(186)]. (راجع تفسير القمص / تادرس يعقوب ملطي – حز 18 : 20)
 

وراثة الخطية الجدية (خطية الطبيعة):-
 
 
-        لولا عقيدة وراثة الخطية ، لما كان يوجد أى داعى للحبل المعجزى ، فإن هدفه الوحيد هو منع وراثة الخطية التى تأتى من خلال التناسل الطبيعى.
 
إذ لا وراثة إلاَّ مع قانون التناسل الطبيعى ، ولذلك فالمعجزة أبطلته.
 
وكلمة وراثة هنا بالطبع لا تعنى وارث وموروث بالمعنى الذى للممتلكات الدنيوية، بل تعنى حصول الإبن على مميزات أبيه.

-        نحن نعمد الأطفال لأنهم ورثوا الخطية (الأصلية) الجدية ، وعاقبتها الموت …
"لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ، وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا." (رو 6: 23)
"إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللهِ." (يو 3: 3)
"إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ." (يو 3: 5)
والإنسان الكبير السن حينما ينال سر المعمودية ، ينال غفران الخطية الجدية ، التى ورثها عن جدية آدم وحواء. وأيضاً الخطايا الفعلية التى ارتكبها قبل المعمودية بسبب فساد طبيعته البشرية. "لأَنَّ نَامُوسَ رُوحِ الْحَيَاةِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَدْ أَعْتَقَنِي مِنْ نَامُوسِ الْخَطِيَّةِ وَالْمَوْتِ." (رو 8: 2)
 
 
-        من جهة وراثة خطية آ دم فقد تمت ادانة بيلاجيوس وتلميذه كاليستيوس و آتباعهما حينما آنكروا وراثة خطية آدم ونادوا ببدعة (أن الأطفال لا يحتاجون معمودية أو أن معمودية الأطفال ليست لمغفرة الخطايا) وقد صدر القانون 110 في المجمع بإدانة تلك البدعه وحرمان كل من يتبع تلك البدعه. (علما بأن مجمع قرطاجنة عُقد مرتين لنفس المشكلة آي آن القضية قد تم تداولها بطريقة دقيقة وعميقة, كما أن منطوق القانون الَّذي صدر فِي قرطاجنة يعبر عن خلاصة الحوارات التي تمت في المجمع.) وقد آيد مجمع آفسس المنعقد (٤٣١) برئاسة البابا كيرلس عمود الدين قرارات مجمع قرطاجنة.
 
 
-        وبخصوص الجحيم ، فلأن الجميع محكوم عليهم ، لذلك فإن كل الذين ماتوا على الإيمان والرجاء فى الفداء (الله يفدى نفسى من الجحيم حين يأخذنى مز49: 15)، يحتاجون إلى فداء المسيح وخلاصه ، ليفتح الفردوس ويصعدهم إليه ، فلولا عقيدة وراثة الخطية لما كانت عقيدة أن الرب إقتحم الجحيم وأصعد أرواح أسرى الرجاء إلى الفردوس.
 
 
-        ولولا عقيدة وراثة الخطية ، لكان الناس الذين لم يُعطوا وصية (من بعد وصية عدم الأكل من شجرة معرفة الخير والشر ، وحتى زمان ناموس موسى) لكانوا كلهم بلا إستثناء بلا كسر للوصية إذ لا توجد وصية أخرى لهم، وحيث لا وصية لا يوجد تعدى ولا توجد خطية – ولكان مصيرهم جميعاً الخلود.
 
ولكن الإنجيل يقول أن الموت ملك عليهم بالرغم من أنهم لم يتعدوا بأنفسهم تلك الوصية -الوحيدة آنذاك- التى تعداها آدم "لكِنْ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ مِنْ آدَمَ إِلَى مُوسَى، وَذلِكَ عَلَى الَّذِينَ لَمْ يُخْطِئُوا عَلَى شِبْهِ تَعَدِّي آدَمَ، الَّذِي هُوَ مِثَالُ الآتِي." (رو 5: 14) "لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ، هكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ." (1 كو 15: 22) وذلك دليل على أنهم كانوا تحت الخطية ، فلولا الخطية ما كان الموت وما كان الجحيم ، إذ أن : [أجرة الخطية موت] رو6: 23 ، [يوم تأكل منها موتاً تموت] تك2: 17 ، فالموت والجحيم لم يأتيا قبل الخطية ، بل بعدها ، كأجرة وكنتيجة لها.
 
 
-        قال العهد القديم بتوريث الخطية "هأَنَذَا بِالإِثْمِ صُوِّرْتُ، وَبِالْخَطِيَّةِ حَبِلَتْ بِي أُمِّي." (مز 51: 5) وهذا المزمور – وهو الذى قيل بإرشاد الروح القدس ، على لسان النبى داود – لا يمكن أن يعنى أن الحبل به كان غير شرعى ، لأن الله بنفسه يشهد بأن داود هو إبن شرعى لوالده يسـّـى البيتلحمى (1 صم16: 1) ، وهو ما يقرره الكتاب المقدس فى مواضع أخرى عديدة أيضاً (1صم17: 12 ، مت1: 6 ، إلخ). كما أن داود نفسه يشهد ببرِّ أمه ، إذ يتوسل بها أمام الله قائلاً : [خلِّص إبن أمتك] مز86: 16 ، [أنا عبدك وإبن أمتك] مز116: 16 . كما أن عائلته كانت من نسل القديسين ، بشهادة الكتاب المقدس ، فجده بوعز وجدته راعوث التى يتسمى سفر راعوث بإسمها.
 
إذن فالمعنى الوحيد الممكن لقوله – بإرشاد الروح القدس – بأنه حـُـبل به بالخطية، هو أن الإنسان يولد معجوناً بالخطية ، منذ الحبل به ، وليس فقط أنه قابل للخطية فيما بعد ولادته . قبلما يفعل أى خطية شخصية نهائياً ، بل قبل أن يعرف الصح من الخطأ أصلاً . "وَمِنَ الْبَطْنِ سُمِّيتَ عَاصِيًا." (إش 48: 8)
 
فمن أين جاءته الخطية ؟ هل الله هو مصدر الخطية والعصيان والفجور (حاشا)
 
 
-        و كما كنا في آدم عندما خلق فخلقنا فيه كذلك كنا فيه حينما أخطأ و مات و فسد أخطأنا فيه و متنا و فسدنا.
 
يقول القديس كيرلس الكبير:
 
صرنا شركاء مخالفة آدم ومن جراء أخطائه عوقبنا إذ طالت اللعنة الجميع و الغضب امتد علي نسله، لذلك تنازل وحيد الجنس وأخضع ذاته لله الآب و صار إنسانا و سكن بيننا و أطاع حتي الموت ماحيا نتائج عصيان الكل و عصيان كل واحد علي حدة و بهذا قد خلصنا.
 
ويقول القديس غريغوريوس النزنيزي الناطق بالالهيات:
 
نحن كلنا بدون إستثناء الذين خلقنا من جديد الذين نشارك آدم ذاته و خدعنا بالحية و ذبحنا بالخطية و تم خلاصنا بآدم السماوي و أحضرنا مرة أخري من قبل شجرة العار ( الصليب) إلي شجرة الحياة من حيث سقطنا.
 
 
فلا تعلم كنيستنا بأننا أشتركنا كأشخاص في فعل خطية آدم، لكن أننا صرنا خطاة فيه و ليس معه ، لأننا لم نكن موجودين كأشخاص عندما أخطأ و عصي الوصية. ومن علم من الآباء بأننا لم نشترك في خطية آدم يقصد ما تعلم به الكنيسة قديماً وحديثا, وهو عدم أشتراكنا معه في الأكل لأننا لم نكن موجودين كأشخاص منحدرين من ذريته بعد ، بل كنا موجودين فيه، و الطبيعة البشرية كلها خطئت فيه. (كتاب أكلت بإرادتي – نيافة الأنبا رافائيل)
  

ولهذا فنحن لم نرث فعل الاكل من الشجره في حد ذاتها بل الحقيقه اننا ورثنا عصيان ادم (بمعني أدق : ورثنا كسر الوصية والإنفصال عن اللة) ولهذا من يقول اننا ورثنا خطية ادم هو صحيح ان قصد بها خطيه وعصيان الوصيه.
 
كما أيضا نتائجها من الموت وفساد الطبيعه, وليس موضوع الاكل, فنحن لم ناكل لذلك لا نعاقب على الاكل ولكن باكلهم فسدت البشريه في جسدهم الذي هو اصل كل البشريه.
 
ويقول ابونا بيشوي كامل (كتاب ايمان كنيستنا القبطيه الارثوذكسيه):- يخرج الطفل بعد المعموديه طاهرا تماما من خطيته الجديه والفعليه ، "توبوا وليعتمد كل واحد منكم علي اسم الرب يسوع لغفران الخطايا (اعمال ٢- ٣٨)"
  

[بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم ] رو 5: 12، أى أن الخطية بدأت من آدم وإستمرت فى نسله بطول العالم وعرضه، إذن فليس الله هو مصدر الخطية ، بل عصيان آدم . ثم يستطرد فى ذات الآية :- [بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ ، وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ به] رو5 : 12
 
++ والترجمة الدقيقة للجزء الأخير من هذه الآية ، هى: أخطأ الجميع به (أو: “فيه”)، فهى فى اليونانية مصحوبة بالأداة : “εφ’ ω” ، وفى القبطية : ” enkhitf” ، وتعنى فى الحالتين : به (أو: فيه)
 
 
ملحوظة: توجد آيات أخرى فى اليونانية ذات حالات إعرابية مماثلة ، ومترجمة أيضاً بعبارة : “به”  ، مثلما فى 1كو7: 7 ، مترجمة : بسببكم ، وفى الإنجليزية : in you ، أى : “بكم
 
 
الترجمة القبطية القديمة –منذ أوائل القرون المسيحية- التى كانت من اليونانية مباشرة بعلماء يتكلمون اللغتين بطلاقة ، تم فيها ترجمتها مع وضع عبارة : “enkhitf” أى “فيه” أو “به”.
 
 
والترجمات التى من اليونانية مباشرة ، التى تتبع إسلوب وضع الكلمة المترجمة بين سطور النص اليونانى ، تترجم “εφ’ ω”  بعبارة : “الذى به”، مثل النسخة اليونانية العربية للجامعة الأنطونية ، التى تترجم الكلمات اليونانية بكلمات عربية تحتها مباشرة ، كلمة بكلمة ، فإنها مترجمة بين السطور : [الذى به] .
 
 
وكذلك ترجمة الكتاب المقدس للعالم الإنجليزى وليم واطسن المطبوعة فى لندن عام 1838 ، فإنها مترجمة : [هم جميعاً أخطأوا فيه]
 
 
وكذلك ترجمة الكاثوليك اليسوعيين عام 1897 ، جاء بها : [جميعهم خطئوا فيه]
 
 
وفى اللاتينية ( فى نسخة “Biblia Hexaglotta” الجزء السادس صفحة 248 بالكتاب و 260 بنسخة الPDF ، والمطبوعة عام 1906 ) نجدها : “in quo omnes peccaverunt” وترجمتها: “in whom all sinned” ، أى : “الذى فيه الكل أخطأوا
 
مع ملاحظة أن الأداة اليونانية : “εφ’ ω” ، وكذلك القبطية : “enkhitf” ، تشير إلى إسم مذكر ، وبالتالى فإنها لا يمكن أن تشير إلى الخطية لأنها إسم مؤنث فى اليونانية وفى القبطية معاً ، إذن: لم يبقى فى الجملة إلاَّ إسم “آدم” المذكر
 
كما لا يمكن ترجمتها بعبارة : بذلك أو لذلك (السببية) لأن لتلك تعبيرات أخرى فى اللغة اليونانية مثل “DIA TOUTO”.
  
ويترجمها الأنبا غريغوريوس دكتوراه فى اللغة اليونانية–هكذا:- [.. وهكذا إجتاز الموت إلى جميع الناس بالذى جميعهم خطئوا فيه] ، ويشرح ذلك بقوله : “هذا النص المقدس يقرر مبدأ إنتشار الخطية من الإنسان الأول آدم إلى كل الناس” ، كما يعلق قائلاً: “ويلاحظ أن الترجمة البيروتية البروتستانتية قد أوردت هذا النص مبتوراً… ولكن النص اليونانى والقبطى والترجمة اللاتينية المعروفة بالفولجاتا كلهم أوردوا النص على النحو الذى أثبتناه” ، ثم يورد نيافته النصوص فى اللغات الثلاثة.(موسوعة اللاهوت العقيدى – سر التجسد والفداء – ص 237) ، كما أنه فى موضع آخر يذكر أن الترجمة الصحيحة ليست “إجتاز” ، بل سَرَى أو إنتشر
 
 
إذن ، فالمعنى الواضح ، مثلما يقرره الإنجيل (فى نصه الأصلى وبترجمته الدقيقة) هو أن الجميع أخطأوا فى آدم /أو بآدم .
 
 
ويكرر الإنجيل هذا المعنى بصيغ أخرى مختلفة ، للتأكيد ، ولمنع أى شك:-
  
[قد ملك الموت من آدم إلى موسى وذلك على الذين لم يخطئوا على شبه تعدى آدم ] رو5: 14 ، فهذه الفترة لم يكن فيها وصية أخرى وبالتالى لا تعدى لمن إمتنع عنهم الأكل من هذه الشجرة ، فلم يعد يوجد أى إحتمال لمخالفتهم لأى وصية ، لا لهذه الوصية لأن ظروفها تغيرت ، ولا لوصية أخرى إذ لا توجد وصية أخرى ، لأنه : [الخطية لا تُحسب إن لم يكن ناموس] رو5: 13 ، ومع ذلك ملك الموت عليهم (بكافة معانيه الجسدية والروحية) ، دليلاً على وراثتهم لخطية آدم ، وبالتالى لحكم الموت الناشئ عنها.
 
[بخطية واحد ، مات الكثيرون] رو5: 15 ، إذن فقد ورثنا حكم الموت من خلال خطية آدم ، وليس لسبب شخصى.
[بخطية واحدة صار الحكم إلى جميع الناس للدينونة] رو5: 18 . بخطية آدم أصبحنا كلنا مدانين ، بلا إستثناء، ومصير الكل –بسبب هذه الخطية- هو الحكم بالدينونة أى الجحيم ، هذا ما يقوله الإنجيل بكل وضوح.
 
[بمعصية الإنسان الواحد جُعل الكثيرون خطاة ] رو5: 19 ، الإنجيل هنا يؤكد أنه بالخطية التى للإنسان الواحد ، أى آدم ، أصبح الكثيرون –أى البشر- خطاة ، وذلك لا يمكن أن يعنى سوى أنهم صاروا يحملون الخطية ، إذ لا يوجد خاطئ بدون خطية ، إذن  فقد ورثنا الخطية ، وبسبب وراثتنا لها أصبحنا تحت الدينونة وحكم الموت.
 
هنا لايتكلم عن فساد الطبيعة البشرية ، وإنما عن خطية الواحد ، ومعصية الواحد ، وعن خطية واحدة . وبسببها اجتاز الموت إلى جميع الناس … أما عن الفساد فتعبر عنه عبارة ” دخلت الخطية إلى العالم ” ( رو5 : 12 ) .
 
وهو ما يتطابق مع الآية رو5: 12 فى ترجمتها الصحيحة : أخطأ الجميع به/فيه
إذن ، فالنتيجة التى تقدمها لنا هذه الآيات بكل وضوح هى إننا ورثنا الخطية وورثنا معها حكم الموت ، معاً. (عقيدة توريث الخطية منذ آدم – المهندس مكرم زكي شنوده)
 
 
أما قول العذراء "تبتهج روحي بالله مخلِّصي" فيحمل مفهومًا لاهوتيًا هامًا أن القدّيسة مريم مع سموِّها العظيم تحتاج إلى "الخلاص" كسائر البشر، وتبتهج به، إذ وُلدت تحمل الخطيّة الأصليّة (الجديّة) التي ورثناها عن أبوينا الأولين. (راجع تفسير القمص / تادرس يعقوب ملطي – لو 1 : 47) "ص 42, 43"

وكتب الكنيسة ، والكتب الأرثوذكسية القديمة ، مملوءة بالإشارات عن : “الخطية الجِديِّة” (أى التى للجد الأعلى: آدم) ونتائجها معاً.
 
-        يصرخ الكاهن فى القداس الغريغورى قائلاً : “أنا إختطفت لى قضية الموت” ، بالنيابة عن الشعب كله .(صلاة قدوس قدوس أنت أيها الرب- قبل الرشومات).
 
ونفس الفكر نجده فى القداس الباسيلى إذ يصلى الكاهن بصفته (مع كل الشعب) آدم :- قدوس قدوس … الذى جبلنا وخلقنا ووضعنا فى فردوس النعيم ، وعندما خالفنا وصيتك بغواية الحية سقطنا من الحياة الأبدية ونفينا من فردوس النعيم.
 
-        أوشية الراقدين (عن كون الطفل مولوداً بالخطية) يصلى الكاهن قائلاً : لأنه ليس أحد طاهراً من دنس (بلا خطية) ولو كانت حياته يوماً واحداً على الأرض.
 
(وهى الآية:- أى 14: 4 و5 فى السبعينية ، التى إنقلب عليها اليهود المقطوعين لأنها تحوى الحقيقة الإلهية التى تشهد بالحاجة لفداء مخلصنا المسيح)
 
"ليس أحد طاهرًا من قذر، وإن كانت حياته على الأرض يومًا واحدًا. عدد أشهره يُمكن إحصائها" (أي 14: 4-5 LXX)
هو ما يتطابق كذلك مع المزمور الخمسين: [بالإثم حُبل بى وبالخطية ولدتنى أمى]
 
-        ويعلق القديس أغسطينوس:-
 
"بالآثام حبل بي" (مز 6:51). هل وُلد داود من زنا، بكونه وُلد من يسى (1صم 18:16) ، الرجل البار وزوجته؟ ما الذي يقوله عن نفسه إلا تلك الآثام التي جاءت من آدم؟ حتى رباط الموت قد غُرست في النفس مع الإثم ذاته؟
 
فإنه ليس إنسان وُلد دون أن تُجلب معه العقوبة، يُجلب معه الاستحقاق للعقوبة.
 
يقول نبي في موضع آخر: "ليس أحد طاهرًا في عينيك، ولو كان طفلًا، حياته يومًا واحدًا على الأرض" (أي 5:14 LXX ) (راجع تفسير القمص / تادرس يعقوب ملطي – أيوب 14 : 4)
 
-        كما يعلق القديس البابا أثناسيوس الرسولي:-
 
فإنه قدم ذبيحته عن الجميع, فأسلم هيكله للموت عوضا عن الجميع, أولا: لكي يبررهم ويحررهم من المعصية الأولي. (راجع كتاب تجسد الكلمة - للقديس البابا أثناسيوس الرسولي "الفصل العشرون" ف2)
 
-        أيضا يعلق الأب هيسيخيوس الأورشليمي:-
 
"من سيتطهر من النجاسة؟ لا أحد. ولو كانت حياته يومًا واحدًا على الأرض" (أي 14: 4). لا يقدر أحد أن يفتخر قائلًا: "أنا طاهر"، سوى المسيح "الذي لم يفعل خطية ولا وُجد في فمه مكر" (1 بط 2: 22).
 
الطفل ابن يوم واحد الذي ليس فيه أية نجاسة، لأنه لا يعرف أن يميز الصالح من الشرير (إش 7: 15-16)، إلاَّ أنه يحمل فساد آدم القديم (1 كو 15: 42) الذي علينا. لكن نعمة آدم الجديد، الذي خلع عنا آدم القديم (أف 14: 22؛ كو 3: 9)، طهر أيضًا فسادنا "بغسل الميلاد الجديد" (تي 3: 5). (راجع تفسير القمص / تادرس يعقوب ملطي – أيوب 14 : 4)

 
-        ثاؤطوكية الخميس القطعة الثامنة :- طأطأ سموات السموات وأتى إلى بطن العذراء وصار إنساناً مثلنا ما خلا الخطية وحدها.
 
ثاؤطوكية السبت السنوية / القطعة الخامسة :- ولدتيه بغير زرع فساد (آتشنى إجروج إن آتتاكو)
 
+ فإستثناء ربنا يسوع وحده فى الحبل بدون خطية ، مما يعنى أن القاعدة على الكل هى الولادة بالخطية.


++ البعض يقولون بأن نبوءات أرميا النبى وحزقيال النبى ، تعارض هذا المبدأ ؟؟
 
+ وللرد نقول- لا ، بل تؤكده
 
+ إذ تتنبأ بأن الله – فى زمن قادم – سيوقف هذا الميراث للخطية ، فهذه النبؤات تستخدم الزمن المستقبل وليس الماضى ولا الحاضر:-
 
+ و هذا الوعد المستقبلى ، هو إقرار بالواقع الحاضر آنذاك ، قبل الخلاص الذى يتنبأ عنه.
 
ففى أرميا النبى ، تنبأ عن ذلك مستقبلياً قائلاً :- [ها أيام تأتى ….. فى تلك الأيام لا يقولون بعد: الآباء أكلوا الحصرم وأسنان الأبناء تضرست ، بل كل واحد يموت بذنبه ، كل إنسان يأكل الحصرم تضرس أسنانه] أر 31 :27-30.
 
إذن فإنه لا يتكلم عن الزمن الحاضر آنذاك (لئلا يعتقد البعض أنه يعارض هذا المبدأ) بل يتكلم عن المستقبل: “ها أيام تأتى” ، الذى سيتم فيه الخلاص من هذه الحالة ، بما يعد تأكيداً لهذا المبدأ وليس نفياً له، فهذا الوعد المستقبلى ، هو إقرار بالواقع الحاضر آنذاك ، قبل الخلاص الذى يتنبأ عنه .
 
وقد تكرر هذا الوعد النبوئى ، فى حزقيال النبى ، بنفس ألفاظه  : [ما لكم أنتم تضربون هذا المثل .. قائلين الآباء أكلوا الحصرم وأسنان الأبناء تضرست.. لا يكون لكم من بعد (ye shall not) .. أن تضربوا هذا المثل .. النفس التى تخطئ هى تموت] حز 18 :2-4 ، أى أن الآية تتحدث عن المستقبل أيضاً .
 
إذن ، فالنبوءتان تتحدثان عن أمر واحد ، بنفس الألفاظ والمعانى ، إذ تتحدثان عن المستقبل ، عندما تتحقق هذه النبوءة ، وليس عن الزمن الحاضر آنذاك.
 
ونحن نؤمن بأن هذه النبوءات قد تحققت فى فداء المسيح  .(عقيدة توريث الخطية منذ آدم – المهندس مكرم زكي شنوده)


++ الأنبا غريغوريوس – علم اللاهوت العقيدى – سرى التجسد والفداء – 10 – الخطية الأصلية
 
هل الخطية الأصلية مرض حتى تورث؟ نعم إنها مرض ، وهذا المعنى هو ما يقوله الكتاب المقدس: “بإنسان واحد دخلت الخطيئة إلى العالم وبالخطية الموت وهكذا إجتاز الموت إلى جميع الناس”. وفى القبطية: “بالذى خطئوا فيه” ، ويقصد آدم ، كما أن كلمة “إجتاز” هى بمعنى “سَرىَ” ، يعنى خطيئة آدم سَرَت فى الطبيعة البشرية.
 
كيف ذلك؟ على أساس طريقة الخلق ، فالله خلق الإنسان آدم على أساس أنه أصل ، ومن الأصل تتفرع فروع مثل فروع الشجرة … فمن آدم خُلقت حواء ، ومن آدم وحواء خُلق قايين وهابيل إلى آخره، فنحن كلنا من أب واحد ومن شجرة واحدة … الوراثة قانون
 
فهناك ما يسميه الكتاب “دم واحد” ، وهو دم آدم ، وينتقل هذا الدم عن طريق التناسل ، أو مثلما قال القديس ديديموس الضرير مدير المدرسة اللاهوتية فى القرن الرابع ، قال عن طريق التزاوج يحدث إنتقال الدم إلى دم ، فدم الأب يصل للإبن ، وهذا هو السبب الحقيقى فى أن المسيح ولد من عذراء بدون زرع رجل ، هنا لا توجد الوصلة التى توصل الدم الملوث (بالخطية) … الطفل الذى يولد اليوم فيه وصلة من آدم وليس فقط من أبيه وأمه … المسألة مثل الشجرة تماماً ، فعندما تكون جذور الشجرة مضروبة (يقصد فيها مرض) تكون ثمارها أيضاً مضروبة. (عقيدة توريث الخطية منذ آدم – المهندس مكرم زكي شنوده)


والكتاب المقدس ينطق بهذه العقيدة فى عهديه ، وكذلك كتب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الحقة (وهى الأرثوذكسية الغير خلقيدونية التى رفضت كل الهرطقات منذ بدايتها الأولى) ، وكذلك كتابات الآباء فى صورتها الصحيحة التى لم تطولها تحريفات وإضافات الهراطقة المزورين القدماء، ولا تحريفات المترجمين المحدثين الهراطقة أو الذين يثقون فيهم عن بساطة.

 
 
ويتلخص ايماننا فِي علاقتنا بمعصية آدم: لم تكن خلقة الإنسان كخلقة الملائكة (الكثيرين)، ولم تكن كخلقة الحيوانات أو النباتات (بكثرة)، ولكن هناك رجل واحد تجتمع فيه كل البشرية. . "صنع من دمٍ واحدٍ كلَّ أُمةٍ من الناس يَسكُنُون على كلِّ وجهِ الأرضِ" (أع17: 26) وآننا كنا فِي آ دم حينما خُلق؛ فصرنا مخلوقين فيه وبالتالي حكم علينا بالموت فيه وإنفصلنا عن الله مصدر الحياة.
 
وكما كنا في صُلب آدم عندما خُلق، كذلك كنا فيه حينما سقط.. لذلك سقطت البشرية كلها معه وفيه بسقوطه.
 
وهناك ألاف الكتابات التي تؤكد علي تلك العقيدة, ولكني أكتفي بهذا القدر من الأدلة.



 
 
ولإلهنا المجد الدائم. آمين
 
 
 

المراجع:-
 
 
1-      الكتاب المقدس بعهدية
 
2-     تفسير (القمص / تادرس يعقوب ملطي)
 
3-     تفسير (القمص / أنطونيوس فكري)
 
4-     عقيدة توريث الخطية منذ آدم – المهندس مكرم زكي شنوده
   
5-     مقالة بخصوص قضية وراثة خطية آ دم (الأنبا رافائيل)
 
6-     كتاب أكلت بإرادتي (الأنبا رافائيل)
 
7-     كتاب ايمان كنيستنا القبطيه الارثوذكسيه (القمص بيشوي كامل)
 
8-     كتاب تجسد الكلمة - للقديس البابا أثناسيوس الرسولي
 
9-     موفع سانت تكلا هيمانيوت
 
10- موقع دكتور غالي


Copy Rights © 2022 INT. apologetics.metri.co.uk. All Right Reserved
العودة إلى المحتوى